روائع مختارة | واحة الأسرة | نساء مؤمنات | وقلوبنا بعد لازمة للحق..

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > نساء مؤمنات > وقلوبنا بعد لازمة للحق..


  وقلوبنا بعد لازمة للحق..
     عدد مرات المشاهدة: 2721        عدد مرات الإرسال: 0

ذكر الذهبي: في سير أعلام النبلاء 11/238 أن الإمام أحمد قيل له أيام المحنة: يا أبا عبد الله! أوَلا ترى الحق كيف ظهر عليه الباطل؟

قال: كلا، إن ظهور الباطل على الحق، أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة، وقلوبنا بعد لازمة للحق... إنتهى.

ما أحوجنا إلى إستحضار هذا المعيار الدقيق في بيان حقيقة ظهور الباطل على الحق، خصوصاً في هذا الزمن الذي تقلبت بقلوب كثيرٍ من أهله الفتن بنوعيها: الشبهات، والشهوات أعاذنا الله منهما.

إن من أعظم أنواع الفتنة: أن تختل حقيقة إنتصار الحق في النفس، بسبب عارضٍ ما، لأن إختلال المعايير حينئذٍ يؤدي إلى خلل في المنهج ولا بد، ويصبح السائر -في طريقه إلى الله- مضطرباً لإضطراب معاييره، فهي حيناً تربط الحقّ بالكثرة! وحيناً تربطها بغلبة السلطان! وحيناً بظهور أهل الباطل، وحيناً بأمور أخرى، وكلّ ذلك لا يجدي على صاحبه شيئاً.

إن هذه القوة العجيبة من الإمام أحمد: في ردّ تلك الشبهة التي عرضها بعضُ أصحابه لم تكن ردّة فعل حاضرة، بل هي نتيجةُ فهم الإمام العميق لكتاب الله تعالى، وسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإستقرائه لتاريخ أهل الحق في صراعهم مع الباطل وأهله.

قال تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال:8]، وقوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:81]، وقوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء:18]، وغيرها من الآيات.

إن من يتأمل الآيات السابقة -وما في معناها- لا يمكن أبداً أن تهتز عنده حقيقة غلبة الحق، وظهوره على الباطل وأهله الظهور الحقيقي لا الصوري!

وما دام الحديث موجهاً إلى الأخت المسلمة، فما أحوجها أن تستصحب هذه الحقيقة خصوصاً في هذا الزمن الذي إنبهرت فيه كثير من النساء ببهرج الباطل، وضعفت فيه القناعة بالحق الذي أراده الله للمرأة، لسبب من الأسباب التي أشرت إلى بعضها.

وهذا يؤكد على المرأة أن تعرف الحق بدليله حتى يبقى عقيدةً راسخة في القلب، لا تزلزله العوادي، ولا تعصف به الفتن -بإذن الله- لأن الحق حين ينمو بنفسه فإن الله يجري سنته، فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، إن على الحق أن يوجد ومتى وجد الحق في صورته الصادقة الكاملة، فإن شأن الباطل هين، وعمره كذلك قريب.

إن الفتنة الخفية في هذا الباب -فيما أرى- تتمثل في أمرين:

=الأول: التباس الحق بالباطل بسبب كثرة دعاة الباطل، وقوة أساليبهم في التسويق له.

= الثاني: أن كثيراً من النساء المسلمات قصّرن في تلمس الحق المقرون بدليله -الذي يجعل المرأة قوية بعقيدتها،ودينها- فإن الدليل كالسلاح للداخل في المعركة، فمن دخل الحرب بغير سلاح، فماذا يتوقع أن يصيبه؟!.

ونتيجة لذلك، ستصبح المرأة -مع هشاشة حجتها بصحة ما هي عليه- في حالة دفاع عاطفي فقط، من غير قدرة على بيان الحجة، والإستعلاء بالحق -وهو ما يمكن أن نصطلح عليه هنا بالهجوم- وبالتالي فإن السهام إذا كثرت على هذا النوع من الناس، فيوشك أن تصاب بمقتل، وهذا المقتل، هو أن تضعف، فتصبح في حالة إستقبال وتلقٍّ، وهنا الكارثة، إذ مؤدى ذلك الإستسلام، ومن ثم الانتكاس والعياذ بالله.

وخلاصة القول: أن المرأة المسلمة اليوم أحوج ما تكون إلى أن تتسلح بسلاح العلم المقرون بالحجة، ليس فقط لتكون هي على بيّنة من أمرها، ويقينٍ من دينها، بل لتنقل هذا اليقين إلى بنات جنسها، قبل أن يجرفهنّ السيل العاتي، وقبل أن تنقلب موازين إنتصار الحق وقوته في نفوسهن، والأمر لله من قبل ومن بعد {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف:17].

الكاتب: عمر بن عبد الله المقبل.

المصدر: موقع رسالة المرأة.